أخر المواضيع

لماذا أحب الناس شعر المتنبي؟


 

مقدمة

من هو المتنبي؟

المتنبي، الذي يُعد واحدًا من أعظم شعراء العرب، وُلِد في الكوفة عام 915 ميلادية. اسمه أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، وقد عاش في فترة الازدهار الثقافي والسياسي في العصر العباسي. منذ صغره، كان المتنبي يتمتع بذكاء فذ وقدرة على استيعاب اللغة العربية وبلاغتها، مما جعله يتفوق بين أقرانه في هذا المجال.

لقد تنقل المتنبي في العديد من الأقطار العربية بحثًا عن حاضنات فكرية وثقافية تستوعب موهبته. عُرف بشخصيته القوية والعنيدة، حيث تحمل العديد من التحديات. من جوانب شخصيته المثيرة للاهتمام، كان لديه نزعة للتفاخر بنفسه ومهاراته، وهو الأمر الذي مند عنه قصائد شهيرة غالبًا ما تُظهر اعتزازه بموهبته.

المتنبي ليس مجرد شاعر يُذكَر اسمه في كتب الأدب؛ بل هو رمز للبلاغة والفكر الثاقب. أسلوبه الفريد وكلماته المعبرة جعلت منه شخصية أدبية بارزة في التاريخ العربي. شعره لا يزال يُلقَى في المدارس والمراكز الثقافية، ويدرس بشكلٍ عميق لحسن أدائه ولغته البليغة.

أهمية شعر المتنبي

شعر المتنبي له أهمية كبيرة في الأدب العربي ويجعل منه واحدًا من العلامات الفارقة في تاريخ الشعر. لأسباب عديدة يرتبط بها هذا الإبداع الشعري، يمكن تلخيص الأهمية في النقاط التالية:

  1. ثراء اللغة: استخدم المتنبي مفردات معقدة ورموز بلاغية تعكس رصانة اللغة العربية وجمالها.
  2. تنوع الموضوعات: تناول شعره مجموعة واسعة من الموضوعات، بدءًا من الفخر والشجاعة، وصولاً إلى الحب والفراق، مما يجعل شعره متنوعًا ويُناسب مختلف الأذواق.
  3. عمق التأمل: يحمل شعر المتنبي الكثير من التأملات الفلسفية والأفكار العميقة حول الوجود والإنسان والعالم، مما يضيف اللهجة الفكرية إلى أعماله.

يمكن القول إن شعر المتنبي ليس مجرد نصوص بل هو سياق ثقافي وفكري عميق. فالقصائد لا تعكس فقط تجربة الشاعر الشخصية، بل تتحدث عن قضايا وجدانية وفلسفية تُعنى بالإنسانية جمعاء:

  • الفخر والكرامة: كان المتنبي فخورًا بنفسه، وغالبًا ما يكتب عن الكرامة وشجاعة الرجال. في قصيدة مشهورة له، يقول:

    "على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم"

  • الحب والفراق: يُبرز المتنبي مشاعر الحب والإحساس بالفراق في قصائده، حيث نجد دفق العواطف والحنين، مثل قوله:

    "إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم"

تُظهر هذه الأبيات كيف استطاع المتنبي أن ينسج مشاعر معقدة بطريقة سلسة وجميلة تجعل القارئ يشعر بالارتباط العميق مع الكلمات.

من الأهمية بمكان أن نشير إلى التأثير الدائم لشعر المتنبي على الشعراء اللاحقين. فقد أثرائه بالكثير من الأفكار التي توارثها الأجيال في المجتمع العربي، واعتُبر مصدر إلهام للعديد ممن جاءوا بعده.

إن دراسة شعر المتنبي تعني التعرف على روح العصر الذي عاش فيه، فهو يمثل صورة للمجتمع العربي في تلك الفترة، الارتفاعات والانخفاضات، الآمال والأحلام، وهو بالتأكيد جزء لا يتجزأ من التراث العربي.

في نهاية المطاف، المتنبي هو شاعر يتجاوز البعد الزمني والمكاني، إذ تظل قصائده تعبر عن تجارب إنسانية عالمية؛ مما يجعل جمهوره يمتد عبر الأجيال. إن أهمية شعره ليست محصورة في جمال اللغة والأسلوب، بل تتضمن أيضًا فهمًا عميقًا للطبيعة الإنسانية وما يصاحبها من مشاعر وتحديات.

في القسم التالي، سوف نستعرض أسلوب المتنبي في الشعر، وكيف تمكن من استخدام اللغة والبلاغة ليخلق عوالم شعرية مؤثرة ومتميزة.

أسلوب المتنبي في الشعر

استخدام اللغة والبلاغة

عندما نتحدث عن أسلوب المتنبي في الشعر، نجد أننا في حضرة لغة تأسر الألباب وتتنقى عبر كلمات غنية بالمشاعر والأفكار. المتنبي لم يكن شاعرًا عاديًا؛ بل استخدم اللغة العربية بصورة تجعلها تتألق وتغني بحيويتها.

تتميز أسلوبية المتنبي بعدة عناصر بلاغية يمكن تلخيص أهمها بالنقاط التالية:

  • التشبيهات والاستعارات: استخدم المتنبي التشبيهات والاستعارات بشكل يُظهر براعته في وصف المشاعر والأحاسيس. ولعلّ أشهر مثال يوضح هذا الأمر هو استخدامه للاستعارة في قصائده الفخرية التي تعبر عن شجاعته وقوته. مثلًا، تجسيد الحماسة بالشجاعة كالبحر الذي لا يُحد.
  • التكرار: لجأ المتنبي أحيانًا إلى تكرار بعض الكلمات أو العبارات لتأكيد مشاعره أو أفكاره. هذا الأسلوب يضفي تأثيرًا عميقًا على النص، حيث يشعر القارئ بالجرس اللغوي الذي يحفز العواطف.
  • البلاغة الفائقة: يمتاز شعر المتنبي بلاغة عميقة، حيث استخدم أنواعًا متعددة من البديع، مثل الجناس والتقابل. من الجوانب المدهشة في شعره هي كيف تتمكن العبارات الممزوجة بالمشاعر من إقناع القارئ بصدق التجربة التي يعيشها الشاعر.
  • الفصاحة والوضوح: رغم تعقيد المعاني، إلا أن المتنبي كان يُدرك أهمية الفصاحة والوضوح في التعبير عن مشاعره. كان يحرص على أن يفهمه القارئ بشكل واضح، مما يجعل التفاعل شعوريًا وإبداعيًا.
مثال توضيحي: قصيدة المتنبي "إذا غامرت في شرف مروم" تُظهر بوضوح بلاغته وعمق معانيه. كان يؤكد في هذه الأبيات على أهمية السعي نحو العلاء والعزة ويتواصل هذا المعنى من خلال الألفاظ التي اختارها بعناية.

في النهاية، أسلوب المتنبي في الاستخدام الفعّال للغة يعكس موهبته الفريدة وإبداعه الشعري الذي يجعله يعيش في ذاكرة الأدب العربي. هذا الإبداع لم يكن محتجزًا في إطار زمان معين، بل كان يمتد ليشمل مختلف النواحي الإنسانية.

تنوع المواضيع في شعره

إلى جانب بلاغته، يتمتع المتنبي بشغف كبير بتناول مجموعة واسعة من المواضيع في شعره. يُعتبر هذا التنوع من أهم الأسباب التي جعلته يحتل مكانة استثنائية في الأدب العربي. لنستعرض بعض المحاور الأساسية التي وثقها المتنبي في قصائده:

  • الفخر والقوة: يتميز المتنبي بقصائد الفخر، حيث كان يعبّر عن شجاعته ومكانته في المجتمع. استخدم ألفاظًا قوية ترمز إلى العزة والشموخ. من أهم نماذج هذا النوع هو وصفه لبطولاته وانتصاراته.
  • الحب والشوق: لم يكتفِ المتنبي بكتابة قصائد الفخر، ولكن تناول أيضًا موضوع الحب والحنين. في قصائده العاطفية، كان يُظهِر جانبًا إنسانيًا عميقًا، مما يعكس تجربة إنسانية مشتركة. على سبيل المثال، في إحدى قصائده، يعبّر عن الحيرة التي تنتابه بسبب الفراق، حيث يمكن للقارئ أن يتلمس مشاعر الألم والشوق.
  • الحكمة والفلسفة: يعتبر شعر المتنبي مرجعًا مهمًا للحكمة. كان يُعبر عن تأملاته في الحياة، والمصير، والدروس المستفادة من التجارب. وقد نجح في تقديم فكرة أن النجاح يأتي بالإرادة والتصميم.
  • الوطن والهوية: قدم صورًا مفعمة بحب الوطن، حيث كان يتحدث عن المكان والهوية بتفاصيل دقيقة. أبدع في التعبير عن الفخر ببلده العربي، مما ساهم في تشكيل ذهنية المجتمعات المختلفة تجاه وطنهم.

ويمكن تلخيص تنوع المواضيع في شعر المتنبي في جدول بسيط:

الموضوعالتطبيقات المذكورة
الفخرالشجاعة، القتال، الانتصارات
الحبالشوق، الفراق، العواطف
الحكمةالفلسفة، التأملات، الدروس
الوطنالهوية، الفخر بالوطن، الثقافة

بفضل هذا التنوع، تمكن المتنبي من توسيع قاعدة جماهيره، حيث لم تقتصر قصائده على شريحة معينة، بل وصلت إلى قلوب العشاق، والمحاربين، والباحثين عن الحكمة.

مع ظهور هذا الأسلوب الفريد وتنوع المواضيع، نتجه إلى تأثير شعر المتنبي على الثقافة العربية في القسم التالي، حيث سنستعرض كيف أسهمت أعماله في تشكيل الأدب والثقافة.

عوامل جذب شعر المتنبي

قوة التعبير والعواطف

عندما نتحدث عن شعر المتنبي، فإن قوة التعبير تعتبر واحدة من أبرز مميزاته. هو شاعر استطاع من خلال لغته البليغة وأسلوبه الفذ أن يصل إلى قلوب قراءه ويؤثر في عواطفهم. تلك القوة لم تكن مجرد كلمات تندرج في تراكيب بلاغية فحسب، بل كانت تجسيدًا لثورة عاطفية داخلية يعبر عنها بطريقة فنية متقنة.

  • الشعور القوي: المتنبي كان على دراية عميقة بالعواطف الإنسانية والمشاعر التي تتفاعل بين الأفراد. في قصيدته التي يتحدث فيها عن الفراق، يستطيع القارئ أن يشعر بالألم الذي يخبر به. يصف حالة من الحزن والفقد بعبارات تجعلك تعيش تجربة الفراق كما لو كنت بين سطوره.
  • التصوير الإبداعي: تم استخدام الصور الشعرية التي تنبض بالحياة، وهو ما يضيف قيمة إضافية إلى التعابير. في إحدى قصائد الفخر، يصف الشجاعة كالأسد، مما يجعل الصورة تتجلى بوضوح أمام القارئ.
  • الترابط مع التجارب الإنسانية: يتمكن المتنبي من ربط مشاعره الشخصية بتجارب إنسانية عالمية. فكل من قرأ قصائده يمكن أن يرى نفسه في عواطفه وأفكاره. هذا الترابط يجعل شعره قابلًا للتنقل عبر الأجيال.

فإحدى القصائد التي تعبر عن هذه القوة تنقل معنى الشجاعة بكل وضوح، حيث جاء فيها:

"إذا كنت في عزٍّ فأنت في المنعة وإن كنت في فقرٍ فأنت في المذلة"

تظهر هذه الأبيات كيف ترتبط القوة بالعزة والكرامة بينما تكون الفقر مصدراً للمذلة. هنا، نستشعر قوتها العاطفية من خلال التباين الدقيق بين الحالات.

الصدق والواقعية في الشعر

إذا كانت قوة التعبير والعواطف هي ما يميز شعر المتنبي، فإن الصدق والواقعية يمثلان العمود الفقري لرسائله الشعرية. كان المتنبي حريصًا على أن يكون شعره نابعًا من تجاربه الشخصية ومن مشاعره الحقيقية، وهو ما يمنح قصائده صدقًا يجعلها قريبة من واقع الحياة.

  • تجارب شخصية: كانت قصائد المتنبي غالبًا ما تعكس تجاربه وأفكاره، مما يضفي بعدًا إنسانيًا واقعيًا على شعره. فهو لم يتوانَ عن ذكر معاناته، فخره، وآلامه. على سبيل المثال، في قصائد الحب، اعترف بمشاعره الصادقة تجاه محبوبته دون تحفز أو تزيين.
  • الواقعية في الحياة: شعر المتنبي لا يهرب من الواقع، بل يواجهه بشجاعة. يصف الألم والفرح والصراع من دون تجميل، وهو الأمر الذي يجعل شعره قريبًا للواقع. في قصيدة يتحدث فيها عن الصعوبات التي واجهها، نجد أنه يصفها بتفصيل دقيق، مما يخلق إحساسًا قويًا بالصدق.
  • تعبير صادق عن العواطف: تأتي الأبيات بشكل يجعل القارئ يشعر بحقيقة المشاعر، وكأن الشاعر يشاركه تجاربه وآلامه. مثلاً، عندما يتحدث عن الشعور بالخيبة أو الإحباط، يستخدم ألفاظًا واضحة تجعل المعنى واضحًا وملموسًا.
مثال توضيحي: في إحدى قصائده، يقول المتنبي: "من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام" هنا، يُبرز صدق المشاعر من خلال إدراكه لآلام الفشل، لكن بواقعية تُظهر أن الجرح لا يؤلم من انعدم الإحساس.

تلك المشاعر الصادقة والواقعية تتماشى مع أسلوب المتنبي وتجعل شعره يتجاوز الحدود الزمنية. فتعابيره ليست فقط للحقبة التي عاش فيها، بل استمرت لتصل إلى شعوب أخرى وأجيال جديدة لأنها تتعلق بالإنسانية نفسها.

في المجتمع الأدبي، يُعتبر شعر المتنبي مرجعًا تتوجه إليه الأنظار لتعلم كيفية التعبير عن القضايا الإنسانية الكبيرة والعواطف العميقة. تأثيره لا يقتصر فقط على الشعر ولكنه ينعكس أيضًا على فكر الناس وثقافاتهم.

لذلك، بحضور الشاعر المتنبي ببلاغته ومعانيه الإنسانية العميقة، ننتقل إلى تأثير شعره على الثقافة، وهو المحور التالي الذي سيتناول كيفية تأثيره على الشعر العربي الحديث والأدب والثقافة العربية بشكل عام.

تأثير شعر المتنبي على الثقافة

تأثيره على الشعر العربي الحديث

تعتبر تأثيرات المتنبي على الشعر العربي الحديث واضحة للعيان، فهي لا تقتصر فقط على الأسلوب أو الموضوعات، بل تمتد لتشكل معالم أساسية في الشعر المعاصر. المتنبي كان رائدًا في استخدام رموز الجمال البشري والتعبير عن المشاعر الإنسانية العميقة، وهذا ما جعل العديد من الشعراء اللاحقين يتبعون خطاه.

  • الاستلهام من الأسلوب: يأخذ الشعراء الحديثون من أسلوب المتنبي في تشكيل قصائدهم ذات البنية الشعرية المحكمة. فهم يستلهمون قوة التعبير وتنوع الصور الشعرية التي تميز شعره. فمثلا، تعتمد العديد من قصائد الشعراء اليوم على الألفاظ القوية والصور البلاغية البارعة التي استخدمها المتنبي.
  • توسيع موضوعات الشعر: المدّ الذي قام به المتنبي في استكشاف موضوعات فكرية وعاطفية معقدة ألهم كثيرين من الشعراء المعاصرين لتوسيع آفاق ثقافتهم الشعرية. نجد أن الشعراء الآن يتناولون مواضيع تتعلق بالشخصية، الفخر، والحب، مما يعكس تواصلهم مع التجارب الإنسانية بصورة عميقة ومؤثرة.
  • التحدي للمواقف الاجتماعية والسياسية: استخدم المتنبي شعره كوسيلة لتحدي الواقع الاجتماعي والسياسي الذي عاش فيه. بعض الشعراء الحديثين تبنوا هذا النهج في تناولهم قضايا المجتمع، وكانوا يرتكزون كثيرًا على النموذج المتنبي. ُتنبه الجيل الجديد إلى أهمية استغلال الكلمات كأداة للتغيير والإصلاح.
مثال على التأثير: شعراء مثل نزار قباني و محمود درويش قد تأثروا بشكل واضح بأسلوب المتنبي، باعتبارهم دائمًا يسعون لتعبير عن الهوية والحنين من خلال عالم عاطفي يرتكز إلى التجارب المحلية.
  • القصائد الجديدة كمرجع: كما نرى في مكتبات المدارس والجامعات، فإن الشعراء الجدد يتداولون قصائد المتنبي عن ظهر قلب، ويتعلمون منها. هذه التوجهات تشكلت عبر الأجيال، أبريل وصيفها، مما يجعلها حية في الثقافة العربية.

نتيجة لذلك، نستطيع القول إن تأثير المتنبي على الشعر العربي الحديث يفترض شكلًا للتحرر الإبداعي الذي يسعى الشعراء لتحقيقه، وهو عنصر يترك بصمة على كل من يقرأ ويكتب.

تأثيره على الأدب والثقافة العربية

إلى جانب تأثيره على الشعر، يُعتبر المتنبي أحد أعمدة الأدب العربي والثقافة بصورة عامة، إذ يتسع نطاق تأثيره إلى رواية الأحداث التاريخية والأفكار الفكرية في مختلف ميادين الأدب.

  • الأدب الحكائي والمسرحي: تأثر الكثير من الأدباء والكتاب بمكانة المتنبي في تأويل الحياة بأسلوب سردي يجذب القراء. إذ باتت كتاباتهم تميل إلى إدراج أشكال من الشعر ضمن نصوصها، مما أضفى طابعًا شعريًا على السرد الروائي. الخيال والأسلوب القوي اشتُهرا بفضل الشعراء المبدعين الذين كانوا سابقين للمتنبي.
  • صوت منظمات الفكر والثقافة: لقد كان شعر المتنبي يمثل صوتًا صادقًا لتعبير الفكر والقضايا الاجتماعية، مما يساهم في تشكيل الآراء وتعزيز القيم الثقافية في المجتمع. الشعر إذًا لم يعد مجرد كلمات، ولكنه أداة للتفاعل مع حركة الثقافة.
  • الفن والفكر: امتد تأثير المتنبي إلى مجالات الفن، حيث كانت لوحات بعض الفنانين تحاكي تجسيدات شعره الحياتية. هذه الرسوم تجسد الكلمات وتحول التعبير اللفظي إلى صورة بصرية، مما يخلق تفاعلًا جميلًا بين مختلف أشكال التعبير الفني.
  • الفكر الفلسفي: المفكرون والكتّاب أسسوا الكثير من أفكارهم على مفهوم الفلسفة التي اقتبسها المتنبي من خلال شعره. هذا النوع من الفلسفة لم يقتصر فقط على التجارب العاطفية، بل أيضًا في التفكير النقدي تجاه الحياة والتجارب البشرية بشكل أكبر.

يمكن تلخيص تأثير المتنبي على الأدب والثقافة العربية في جدول يمكنه أن يُظهر جوانب التأثير بشكل واضح:

المجالالتأثير
الشعراستلهام الأسلوب وتوسيع الموضوعات
الأدب الحكائيإدراج العناصر الشعرية في السرد
الفكر والثقافةإنشاء حوار ثقافي وفكري
الفنون والفكرتشكيل رؤى فنية تدعم الشعر

في النهاية، يبقى المتنبي رمزًا بارزًا للعبقرية الأدبية في الثقافة العربية. تأثيره يعيش في كل كلمة تُكتب، ومشاعر تتجلى في كل بيت يُلقى، مما يُبقي جذور إرثه حية في العقول والقلوب. سنكمل بعد ذلك في ختام موضوعنا لنتناول إرث المتنبي وأهمية الحفاظ على تراثه في الثقافة العربية.

ختام

إرث المتنبي في العالم العربي

إرث المتنبي في العالم العربي هو إرث يفوق مجرد قصائد وأبيات شعرية؛ إنه سيرة حياة تعتبر نموذجًا يحتذى به للعالم أجمع. لقد عاش شاعرنا في زمن تطلعت فيه المجتمعات إلى ضوء الثقافة والفكر، وكان هو راعي هذا الضوء. نجد أن أشعاره أثرت في قلوب الأجيال وأصحاب الفكر والفن، مما جعل اسمه يتردد كمصدر إلهام حتى يومنا هذا.

من أبرز جوانب إرث المتنبي:

  • الأثر الأدبي: شكلت أعمال المتنبي حجر الزاوية للعديد من الشعراء الذين جاؤوا بعده. فالأسلوب، الموضوعات، واستخدام اللغة العربية التي برع بها، أصبحت عناصر تُستقى منها الكثير من الآداب الحديثة. شعره يمثل قمة البلاغة والجمال، وهمسات فلسفية تُعبر عن أعماق النفس الإنسانية.
  • التعليم: تظل قصائد المتنبي تُدرّس في المدارس والجامعات كجزء أساسي من المناهج الأدبية. فهي لا تقتصر على الجوانب الجمالية، بل ترتبط بشروح عميقة تعكس قوة اللغة العربية وعمق التجربة الإنسانية. هذا التعليم يربط الجيل الجديد بتراثه الثقافي ويعزز انتماءه له.
  • الهوية الثقافية: يعتبر المتنبي رمزًا للفخر العربي، ووجوده اللامحدود في الذاكرة الثقافية يعكس انتعاش الهوية العربية. يتم استحضار اسم المتنبي في مختلف الفعاليات الثقافية والأدبية، مما يجعل منه عنوانًا للتميز والعمق الفكري.
  • ترجمة النصوص: تظل نصوص المتنبي تحظى بتقدير عالمي، حيث تُرجمت إلى عدة لغات، مما يدل على تأثيره الواسع. إن تقديم ترجماته يساهم في فتح آفاق جديدة للقراءة والتفاعل مع الفكر العربي في بلدان مختلفة، ويعطي صوتًا لهذا الإرث الثمين في الساحة العالمية.
  • الفنون والموسيقى: الكثير من الفنانين والملحنين قاموا بتبني كلمات المتنبي في أغانيهم وأعمالهم الفنية. في المجتمعات العربية، تُعتبر أعماله مصدرًا للإلهام، إذ إن التعبير الشعري قد تجسد في أشكال جديدة من الفنون، مثل المسرح، الرسم، والموسيقى.

أهمية الحفاظ على تراثه

إن أهمية الحفاظ على تراث المتنبي لا تقل عن أهمية إسهاماته الأدبية. إن العمل على الحفاظ على هذا التراث يعكس التقدير للثقافة العربية، وللأجيال المقبلة. إليك بعض الأسباب التي تُبرز أهمية هذه المهمة:

  • حفاظ الهوية الثقافية: الحفاظ على تراث المتنبي يعزز الهوية الثقافية للأمة. الشعر كفن يمزج بين الجمال والعمق، ولم يعد مجرد نصوص، فهو يحمل قيماً وتاريخاً يُشْخِّص الواقع المعاش بصورة جميلة ومؤثرة.
  • تعزيز الفهم الأدبي: من خلال دراسة شعر المتنبي وتفسير معانيه، يمكننا تعزيز الفهم الأدبي والبلاغي عند الأجيال الجديدة. المدارس والجامعات يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تبني هذا الإرث وإدراجه ضمن المناهج.
  • تحفيز الإبداع: التواصل مع تراث المتنبي يلهم العديد من الكتاب والشعراء للإبداع بأشكال جديدة. إنه يشكل نقطة انطلاق للبحث عن أساليب جديدة في الكتابة، وهو ما يعزز النهضة الثقافية.
  • تعليم القيم: قصائد المتنبي تحتوي على عِبَر ودروس قيّمة. من خلال الحفاظ على تراثه، يمكننا نقل تلك القيم إلى الأجيال الجديدة، مما يعزز الوعي والسلوك الإيجابي لدى المجتمع.
  • الاعتراف بالسياق التاريخي: يشكل شعر المتنبي جزءًا من تاريخ الأدب العربي. دراسة تأريخه وتفسير المعاني التي يحويها يُعزّز من فهمنا لما مرّ به المجتمع العربي من تغيرات وأخلاقيات.
ختامًا، إن إرث المتنبي، من خلال قصائده ومعانيه، يظل حجر الزاوية في تشكيل مستقبل الأدب والثقافة العربية. إن الحفاظ على هذا التراث ليس مجرد واجب، بل هو ضرورة لتعزيز هويتنا الثقافية، ولتنمية القيم الإنسانية التي قدمها هذا العملاق الشعري. علينا جميعًا المساهمة في هذا الجهد للحفاظ على ما تركه لنا من كنوز أدبية.

بهذا، يكون تكريم المتنبي مستمرًا، ويتوجب على الأجيال المتعاقبة أن تحمل شعلة الثقافة والإبداع، لتظل كلماته تُنير العالم.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-